ولكن ما لبث الشيخ رشيد أن تحول تدريجياً ـ عن هذا الاتجاه ـ وأقول تدريجياً ـ لأن الأفكار لا تتحول في يوم وليلة ـ ولا سيما أن الشيخ رشيد قد رافق رجلاً ـ أول عهده قد تأثر بالفلسفة القديمة والحديثة، وارتبط به ارتباطاً وثيقاً حتى صار " ترجمان أفكاره" هذا الرجل هو الشيخ محمد عبده. لذا كان التحول تدريجياً وزادت سرعته بعد وفاة أستاذه 1. ولكن متى كانت بداية هذا التحول؟
إن أول مرة ورد فيها اسم عالم سلفي في مجلة المنار كان في المجلد الثالث، فقد ذكر الشيخ رشيد اسم "العلامة ابن القيم" في أثناء رده على طائفة الجبربة23، وفي المجلد الثالث أيضاً وقف الشيخ رشيد على إحدى رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية، وهي "الواسطة بين الحق والخلق" فقرظها في مناره 4. ورغم أن الشام هي الموطن الأصلي لشيخ الإسلام إلا أن الشيخ رشيد لم يعرفه هناك، وربما كان السبب في ذلك أن كتب شيخ الإسلام قد تعرضت لحملات إبادة من خصوم دعوته 5.
ومهما يكن من شيء، وبدءاً من هذا المجلد الثالث ارتبط الشيخ رشيد بمؤلفات السلف، وكان لانتشار مجلة المنار في العالم الإسلامي أثر كبير في ذلك، فلقد استطاع أن يحصل على مؤلفات شيخ الإسلام التي انتشرت في كل مكان بواسطة قرائه السلفيين في العالم الإسلامي 6.