التوكل على الله من أفضل العبادات وأجلها، ومن أعلى مقامات التوحيد وأنبلها، ومن أوصاف عباد الله المؤمنين وأوليائه المتقين، وقد أمر به تعالى في مواضع عدة في كتابه المجيد وأثنى على المتوكلين عليه وحده دون سواه، فقال - عز وجل -: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)} هود: 123، وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ} الفرقان: 58، وقال: {وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3)} الأحزاب: 3، وقال: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} آل عمران: 159 {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} الطلاق: 3، إلى غير ذلك من الآيات الواردة في شأن التوكل أمراً وفضلاً (?).

كما شهدت الأحاديث النبوية -أيضاً- بفضله وبيان منزلته ومكانة أهله؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب) قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال: (هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون) (?)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لو أنكم كنتم توكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير، تغدوا خماصاً وتروح بطاناً) (?).

قال العلامة ابن القيم: عند قوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)} المائدة: 23: " فجعل التوكل شرطاً في الإيمان، فدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل، وفي الآية الأخرى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)} يونس: 84، فجعل دليل صحة الإسلام التوكل، وقال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)} آل عمران: 122 (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015