"فمن وقع في كفرٍ عملاً أو قولاً ثم أقيمت عليه الحجة وبُيِّن له أنَّ هذا كفرٌ يخُرج من الملة فأصَرَّ على فعله طائعاً غير مُكْرَهٍ، متعمّداً غير مخطئ ولا متأوّلٍ فإنَّه يكفر ولو كان الدافع لذلك الشهوة أو أيّ غرضٍ دنيويٍّ، وهذا ما عليه أهل الحق وعليه ظاهرين إلى قيام الساعة إن شاء الله" (?).
"والمتأولون من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطؤوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال، وأن ما قاله كان حقاً والتزموا ذلك، لكنهم أخطؤوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية، فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين، وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين، وأجمع الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك" (?).
وضابط التأويل المعتبر الإعذار به شرعاً والمانع من الكفر ما كان تأويلاً سائغاً بخلاف ما هو دون ذلك، وهذا يختلف باختلاف ظهور المسائل، وصراحة أدلتها، وقوة التأويل فيها، وورود الشبهة عليها، وسلامة قصد المتأول، وامتلاكه آلة النظر (?).
وقد ساق شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - جملة من المسائل التي يعذر بالتأويل فيها فيقاس عليها نحوها (?).
يقرر الشيخ - رحمه الله -: "بأنه لا يعذر المكلف بعبادة غير الله أو تقربه بالذبائح لغير الله أو نذره لغير الله ونحو ذلك من العبادات التي هي من اختصاص الله إلاَّ إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة، فيعذر لعدم البلاغ لا لمجرد الجهل؛ لما رواه مسلم عن أبي هريرة