وفي (3/ 194) [قلتُ: وكذلك إذا ذكرَ العبدُ ربَّه أو حَمِدَه، فما ذكرَ اللهَ إلا اللهُ، ولا حمِدَ اللهَ إلا اللهُ، لأنه ــ تعالى ــ ذكرَ نفسَه وحمِدَها بواسطة فِعْلِه؛ والعبدُ آلةٌ ليس لهُ شيءٌ. قال تعالى: ... {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} ... (آل عمران: 128 (، و ... قال تعالى: ... {وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} (هود: 123 (، ففِعْلُ العَبدِ يُنسَبُ إلى الله نِسبةَ خَلْقٍ وإيجاد، قال تعالى: ... {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} (الصافات: 96 (. ويُنسَبُ إلى العَبْدِ نِسْبةَ كَسْبٍ وإسنادٍ، ليعاقَبَ عليه أو يثاب، والله ـ تعالى ـ أعلم .... إلى أن قال:
وأما الكلامُ المسموعُ مِنَ الشَّجرةِ، فاعْلَم أنَّ مَذهبَ أهلِ الحقِّ، أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ مُستغنٍ عن الحَدِّ، والكلامِ، والمكانِ، والجهةِ، والزمَانِ، لأنَّ ذلك مِنْ أمَاراتِ الحُدوث، وهي خَلقُهُ ومُلكُه، وهُو ــ سبحانه ــ أجلُّ وأعظمُّ مِنْ أنْ يُوصفَ بالجِهات، أو يُحدُّ بالصِّفَات، أو تُحصِيهِ الأوقات، أو تَحوِيهِ الأماكنُ والأقطَارُ.
ولما كان - جل وعلا - كذلك، استَحَالَ أنْ يُوصَفَ ذاتُه بأنَّها مُختصَّةٌ بِجِهَةٍ، أو مُتَنَقِّلة من مكان إلى مكان، أو حالَّةٍ في مكان.