ومع ذلك، نرى كثيراً من الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، لا يعون مقاصد الأحكام، ولا يراعون غاياتها النبيلة، فينقلب عندهم النصح إلى فضح، والستر إلى تشهير، والمواساة إلى تشفٍ، والمعالجة إلى انتقام.
فالمهم عنده؛ أن يأمر مجرد أمر، وأن ينهى مجرد نهي، دون النظر إلى المقاصد، أو العواقب، أو إلى ما أمره الله به، من أن يكون أمره ونهيه بالرفق والمعروف، كي تتحقق المقاصد المنشودة، والغايات المطلوبة.
إن من أعظم فقه الداعية أن يتفطن لما يكون بعد فعله من أمر أو نهي أو دعوة.
لا ينفك حكم من أحكام الإسلام عن تحقيق المصالح، أو دفع المفاسد، أو تحقيق كليهما معاً، وبخاصة في مقام الدعوة الذي نحن بصدد الحديث عنه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وتمام الورع أن يعلم الإنسان خير الخيرين وشر الشرين، ويعلم أن الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
وإلا فمن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية، والمفسدة الشرعية، فقد يدع واجبات، ويفعل محرمات، ويرى ذلك من الورع، كمن يَدَعُ الجهاد مع الأمراء الظلمة ويرى ذلك ورعاً، ويَدَعُ