وأصرح من هذا أن الوكالة على العباد ليست من شأن الدعاة قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ .. } الآية [الأنعام: 107]
وقال: {إِنّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنّاسِ بِالْحَقّ فَمَنِ اهْتَدَىَ فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلّ فَإنّمَا يَضِلّ عَلَيْهَا وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الزمر: 41]
بل أشد من هذا: أن رد الله تعالى أمر الوكالة لنفسه، فقال سبحانه: {إِنّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12]
وقال سبحانه: {فَإِنّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} [الرعد: 40]
أي: أن مرجعَ الحكم، ومآلَ الفصلِ يرجع إلى الله تعالى.
فالرسل والأنبياء والدعاة من بعدهم لم يُوكَّلوا على الناس، وإنما وُكِّلوا على دعوة الناس، وفرق كبير بين الأمرين.
قال تعالى: {وَالّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ اللهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الشورى: 6]
وقال تعالى: {إِنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىَ بِرَبّكَ وَكِيلاً} [الإسراء: 65]
وحدود الدعوة: لا تتجاوز البشارة والنذارة، وما تتضمن من بلاغ وتعليم، وقد حصرها سبحانه في هذا.
فقال تعالى محدداً مهمة الرسل في الدعوة: {إِنْ أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 188]
وقال سبحانه: {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ مُبَشّراً وَنَذِيراً} [الإسراء: 105/الفرقان: 56]