قال سيد قطب عند تفسير هذه الآية: ((ألا إنه لطريق شاق .. طريق هذه الدعوة، وطريق مرير، حتى لتحتاج نفس كنفس محمد - صلى الله عليه وسلم - في تجردها وانقطاعها للدعوة، وفي ثباتها وصلابتها، وفي صفائها وشفافيتها، تحتاج إلى التوجيه الرباني بالصبر، وعدم الاستعجال على خصوم الدعوة المتعنتين، نعم، وإن مشقة هذا الطريق لتحتاج إلى مواساة، وإن صعوبته لتحتاج إلى صبر، وإن مرارته لتحتاج إلى جرعة حلوة، من رحيق العطف الإلهي المختوم)). (?)
بل ذهب الإسلام إلى أبعد من هذا .. ذهب إلى منع الدعاء عليهم حال الدعوة وعدَّ ذلك صورة من صور الاستعجال، فقد أخرج البخاري عن خباب بن الأرت قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ قال: ((كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض، فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد مادون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنَّ هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلاّ الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون)). (?)
ففي هذا الحديث العظيم؛ منع استعجال الدعاء - مجرد الدعاء على كفار قريش - وطلب النصر من الله عليهم ((ألا تدعو الله لنا، ألا تستنصر لنا)).