ولذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سمع مقالته أن يعيها حين يبلغها، فقال - صلى الله عليه وسلم - ((نضر الله امرءًا سمع منا شيئا فبلغه كما سمع، فرُبَ مبلغ أوعى من سامع)). (?)

ولأهمية هذا؛ عقد الإمام البخاري باباً في صحيحه ((باب العلم قبل القول والعمل))، فإن العلم يسدد القول، ويصوب العمل.

قال العسقلاني: ((قال ابن المنير: أراد به: أن العلم شرط في صحة القول والعمل، فلا يعتبران إلا به، فهو متقدم عليهما)) (?).

قال أبو حيان الأندلسي: ((لأن الدعاء إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يصلح إلا لمن علم المعروف والمنكر، وكيف يرتب الأمر في إقامته، وكيف يباشر، فإن الجاهل ربما أمر بمنكر، ونهى عن معروف .. وقد يغلظ في مواضيع اللين، وبالعكس)). (?)

ومن الجدير بالعلماء تنبيه الناس في هذا المقام إلى أمرين:

الأول: أن الحفظ غير الفقه، وأن البصيرة درجة زائدة على العلم، فإن كثيرًا من الناس يظنون: أن مجرد الحفظ هو العلم، وهذا هو الذي أوقعهم في التعالم، ودفعهم إلى التقول على الله مالم يقل، وإصدار الأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهو يظن بحفظه هذا، أنه عالم بل علامة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015