ذَلِك من الْآيَات وَمن فروع هَذَا الأَصْل الَّذِي هُوَ الجرى على مَكَارِم الْأَخْلَاق تَحْرِيم النَّجَاسَات حثا على مَكَارِم الْأَخْلَاق لِأَن مُلَابسَة الأقذار والنجاسات مُنَافِيَة لمكارم الْأَخْلَاق وَمن فروعه وجوب الْإِنْفَاق على الْأَقَارِب الْفُقَرَاء كالآباء وَالْأَبْنَاء.
وَمن فروع هَذَا الأَصْل إعفاء اللِّحْيَة الَّتِي هِيَ من أكبر الفوارق الظَّاهِرَة بَين نوع الذّكر وَنَوع الْأُنْثَى فالفرار بحلقها من الْعَلامَة الْوَاضِحَة الدَّالَّة على شرف الرجولة وكمالها إِلَى خنوثة الْأُنُوثَة لَيْسَ من مَكَارِم الْأَخْلَاق وَلذَا كَانَ أكْرم الْخلق أَخْلَاقًا صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ الَّذِي قَالَ الله فِيهِ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} معفيا لحيته الْكَرِيمَة الكثة وَمن فروع هَذَا الأَصْل قصّ الشَّارِب وَحلق الْعَانَة ونتف الْإِبِط وَنَحْو ذَلِك.
فَإِذا عرفت مِمَّا ذكرنَا أَن الْمصَالح وَالْحكم الَّتِي يَدُور حولهَا التشريع السماوي ثَلَاث وَعرفت شدَّة مُحَافظَة التشريع الإسلامي عَلَيْهَا فسنذكر هُنَا جملا من الْأَدِلَّة الدَّالَّة على الْأَحْكَام المتضمنة للْحكم والمصالح الْمَذْكُورَة.
اعْلَم أَولا أَن الْأَدِلَّة عِنْد أهل الْأُصُول أَنْوَاع: 1- كتاب الله 2- وَسنة رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. 3- وَإِجْمَاع عُلَمَاء الْأمة. 4- وَالْقِيَاس لِأَنَّهُ إِلْحَاق للمسكوت عَنهُ بالمنطوق بِهِ بِجَامِع بَينهمَا كَمَا هُوَ مَعْرُوف فِي مَحَله. 5- والاستصحاب كاستصحاب الْعَدَم الْأَصْلِيّ حَتَّى يثبت مَا ينْقل عَنهُ وَهُوَ عِنْد جمَاعَة من أهل الْأُصُول دَلِيل عَقْلِي لِأَن الْعقل يدل على بَرَاءَة الذِّمَّة حَتَّى يثبت شغلها بِمُوجب يقتضى ذَلِك. ولاشك أَن الْقُرْآن الْعَظِيم دلّ فِي آيَات مُتعَدِّدَة على أَن اسْتِصْحَاب الْعَدَم الْأَصْلِيّ الْمَعْرُوف فِي الْأُصُول بِالْإِبَاحَةِ الْعَقْلِيَّة والبراءة الْأَصْلِيَّة دَلِيل على الْبَرَاءَة حَتَّى يثبت ناقل عَنهُ.
وَمن أَمْثِلَة ذَلِك فِي الْقُرْآن أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أسْتَغْفر لِعَمِّهِ الَّذِي مَاتَ مُشْركًا وَهُوَ أَبُو طَالب واستغفر الْمُسلمُونَ لموتاهم