من آثاره ذلك النصر الكاسح الذي لا مثيل له في التاريخ، حين امتدت الدولة بالفتوح في أقل من عشر سنوات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فشملت العراق وفارس والشام ومصر. ثم امتدت في أقل من خمسين سنة فشملت من الهند إلى الشمال الإفريقي.

وكان القرآن يلقي الدرس تلو الدرس يستحث المسلمين على القتال في سبيل الله، ويرسم الصور المشرقة للشهداء الذين قتلوا في سبيل الله، كما يحذرهم من التولي يوم الزحف، أو القعود الذي لا يصدر إلا عن المنافقين:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} 1.

{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ، وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ، الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 2.

كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرض المؤمنين على القتال ويشجعهم عليه ويحبب إليهم الاستشهاد في سبيل الله، ويعطيهم من نفسه القدوة في الشجاعة والإقدام والثبات والطمأنينة في القتال.

ثم تأتي مع نمو الدولة، وتزايد ألوان النشاط فيها، وتعدد الملابسات المارة بها، تدريبات تربوية جديدة يتنزل بها القرآن أو يوجه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلها يرسخ العقيدة، وكلها يرسخ منهج التربية الإسلامية في النفوس.

فثمت توجيهات لطاعة القيادة، والالتجاء إليها في المشكل من الأمر، لكي لا تنتشر الفوضى بالتصرفات الفردية غير المنضبطة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015