والنتيجة الحتمية الدائمة لمثل هذه النظم هي انهيار المثل والمبادئ، وانحسار "الإنسانية" والصراع الوحشي على مغانم الأرض، وتفتيت الكيان البشري وتشتيته، والقلق واضطراب الأعصاب، على نحو ما هو موجود في عالم اليوم.

ثم هو ثانيًا يجعل إطاعة الالتزام عبادة تؤدي إلى الله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} 1.

فالأمر أولًا مردود في النهاية إلى الله. وطاعة أولي الأمر ثانيًا ليست هدفًا في ذاتها. ولا أولو الأمر سلطة مستقلة تطاع لذاتها. إنما مرد الطاعة لهم هو طاعتهم هم لله: المصدر الأول والأخير.

{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} 2.

فليس هو نكالًا من البشر، ولا دخل للبشر في هذا التشريع، إنما هو يؤدى لله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} . {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} . {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 3.

وهكذا كل تشريع وكل توجيه، مرتبط بالله، مصدره هو الله، ويؤدى من أجل الله.

ومن هذه المرحلة الوسيطة ... مرحلة أداء الفرائض والالتزامات إطاعة لله، لا لنظام ولا لبشر ولا لدولة ولا لتقليد.. يرتفع إلى أولى مراتب التطوع، وهي أداء الالتزام حبًّا لله لا خوفًا من العقاب الذي فرضه الله!

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} 4.

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} 5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015