الحقيقي سلطانه، والمنهج الصحيح منهجه، ومن ثم تصلح نفوسهم وتصلح حياتهم على الأرض.
ويرتدون إلى خالقهم فيحسون بقوتهم إزاء كل قوى الأرض. قوتهم التي يستمدونها من قوة الله، فإذا هم قوة فاعلة موجهة مريدة. قوة تبني وتنشئ وتعمر، وتستغل ما سخر لها من قوى الأرض: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} 1، فلا يقعدها العجز، ولا تضعف بها الوسيلة، وإنما تظل تحاول حتى تصل، مستمدة عزيمتها من الله.
ويرتدون إلى خالقهم فيحسون أن منه المنشأ وإليه المصير. كلهم نشئوا من قدرته القادرة، وكلهم صائر إليه: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ، خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ، إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ، فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ} 2 {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِير} 3 {إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُون} 4 ومن ثم يتطلعون إليه وحده في كل أمر، ولا يلجئون إلى أحد سواه.
ويرتدون إلى خالقهم فيحسون المشاركة في الإنسانية، فهم جميعًا قد صدروا عن إرادة الله، ثم هم جميعًا خلقوا من نفس واحدة، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} 5 ومن ثم تصلح نفوس بعضهم تجاه بعض، وتقوم بينهم أواصر الإنسانية والتعاون والمحبة، ولا يقوم بينهم النزاع والشقاق.
ذلك باختصار هو الأساس الذي يقوم عليه منهج التربية الإسلامية، وتلك خطوطها العريضة التي سيجيء تفصيلها في الكتاب، وهي كلها مستمدة من حقيقة واحدة: حقيقة الخالق الذي ترجع إليه جميع الأمور.
وسوف يتبين لنا في البحث التفصيلي مدى تفرد الإسلام في الأهداف والوسائل، ولكنه منذ اللحظة الأولى واضح التفرد، فكل النظم الأخرى