كلهم يثبت الأخبار ويجعلها سنة، يحمد من تبعها، ويعاب من خالفها، فمن فارق هذا
المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأهل العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة" (?).
وقال ابن بطة: "فإذا سمع أحدكم حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه العلماء، واحتج به الأئمة العقلاء، فلا يعارضه برأيه وهوى نفسه، فيصيبه ما توعّده الله - عز وجل - به، فإنه قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: من الآية 63]، وهل تدري ما الفتنة ههنا؟ هي والله الشرك بالله العظيم، والكفر بعد الإيمان، فإن الله - عز وجل - قال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: من الآية 193]، يقول: حتى لا يكون شرك، فإنه قال تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: من الآية 191] يقول: الشرك بالله أشد من قتلكم لهم ... " (?).
وقال ابن أبي العز رحمه الله: "فالواجب كمال التسليم للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن نعارضه بخيال باطل نسميه معقولاً، أو نُحَمِّله شبهةً أو شكاً، أو نُقدم عليه آراء الرجال وزبالة أذهانهم، فنوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما نوحد المرسِل بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل" (?).