ما ليس في غيرها" (?).
وقال في موضع آخر في شرح حديث: «سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... » (?): "وأما مخفي الصدقة فلأنَّ النفس تحب الثناء العاجل، فإذا حسم النفس عن هذه المرتبة كان بالمنزلة التي وصفها الله تعالى، لأن ذلك إنما يحصل لذي الجأش القوي، والإيمان المتين ... وأما ذكر الله تعالى خالياً فهو على حال عظيم، قال الله تعالى: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: من الآية 45] وإنما خصه هاهنا بالخلوة لأنه يكون في الخلوة عريّاً عن الرياء والسمعة، والبكاء حينئذ أفضل من البكاء في الملأ، لأنه خلا عن النفاق، وبعد عن الظنة، وتمحص لله تعالى جده، فلذلك عظم شأنه، قال الله تعالى: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق: 33 - 34]، وقد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة لا تمسهم النار، منهم: «عين بكت من خشية الله - عز وجل -»، فإذا كانت عين بكت من خشية الله محرمة على النار في الجملة، فهذه التي لم يشب بكاءها ريبة أولى من أن تكون من
ربها قريبة، وكذلك سائر أعمال النوافل، كلما أُخفي منها كان أعظم أجراً، لأنه النفس تسلم حينئذ من عجب ورياء، ولأن القلب يكون بالعبادة في الخلوة أشغل، وإلى الخشوع والخضوع بين يدي الرب تعالى أميل" (?).
وقال في موضع آخر أن إخلاص الخضوع من أعظم الوسائل إلى الله تعالى: "فالاعتراف بالعبودية والإخلاص في الخضوع والذل وإظهار الفقر والحاجة من أعظم الوسائل إلى الله تعالى" (?).