وقال في موضع آخر في انتصار الله لرسول - صلى الله عليه وسلم - بالريح: " قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: من الآية 9]؛ روى أبو نعيم: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما كان يوم الأحزاب انطلقت الجَنُوبُ إلى الشَّمال فقالت: انطلقي بنا ننصر محمّداً - صلى الله عليه وسلم -، فقال الشمال: إن الحُرّة لا تسري إلا بليل، فأرسل الله عليهم الصَّبا، فذلك قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: من الآية 9] " (?).
وقال في موضع آخر في باب الأيمان: "عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: من الآية 225] في قول الرجل: لا والله، وبلى والله" (?).
وذلك لأن معرفة سبب نزول الآية مؤثر عند أهل العلم في معرفة معناها ودلالة ألفاظها، مع الأخذ بالاعتبار أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد اعتنى جمال الدين السرمري رحمه الله بهذا الجانب في مؤلفاته.
فمن شواهد هذا المنهج قوله عند الكلام عن الإيمان: "وعن البراء قال: لما حولت القبلة قال رجل: كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فنزلت: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: من الآية 143] " (?).
وقال في موضع آخر في أحكام المناسك: "وعن كعب بن عُجْرَةَ قال: كان بي أذًى من رأسي، فحُملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «ماكنت أرى أن الجُهْدَ بلغ بك ما أرى، أتجد شاةً؟ »، قلت: لا، فنزلت الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}
[البقرة: 196] قال: «هو صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، نصف صاع طعام لكل