إن ابن السبكي له أثر واضح في أصول الفقه من خلال عرضه لمسائله ومناقشته الآراء، والدارس له سيستفيد كثيراً في فهم وتصور مسائل هذا الفن وغاياته، خاصة وأن ابن السبكي له مجموعة من المؤلفات في أصول الفقه والتي عم نفعها الشرق والغرب فكان لزاماً علينا دراسة هذه المؤلفات وإبراز أهميتها ومنهجها للاستفادة منها في تطوير أصول الفقه والدراسات الأصولية الحديثة.

ولعل من أهم الاهداف التي نسعى ايها من خلال دراسة كتب التراث الضخم لعلماء أمتنا المجيدة، والذي نحن بأمس الحاجة إلى فهمه وتطويره، وبيان الأثر الإيجابي فيه، وإلا ستبقى الفجوة عميقة بين الدراسات الأصولية المعاصرة والدراسات الأصولية المتقدمة والقديمة، ونحن في هذا الوقت بأمس الحاجة إلى دراسات أصولية توسع المدارك وتفتح الأذهان، للوصول إلى عقلية اجتهادية لوضع حد للفوضى الفكرية التي تعيشها أمتنا، وللبحث عن حكم للمسائل العصرية المستجدة، التي لا يمكن الاجتهاد في معرفة أحكامها إلا إذا تمكنا من فهم علم الأصول، للوصول إلى نهضة حضارية شاملة أساسها وقوامها معتمداً على أصول الفقه.

هذا وليس الهدف من هذه الدراسة هو تناول آراء التاج السبكي بالنقد والتحليل بقدر ما هو محاولة إبراز حقيقة المنهج الذي سار عليه بغض النظر عن موافقته أو مخالفته لغيره، أو قوته وضعفه، ومن هنا فلم يكن لزاما علي عقد المقارنات بين التاج السبكي وبين غيره من العلماء ولا مناقشته للتاج في ما يذهب إليه.

وقد حاولت جهدي في هذه الرسالة أن أتناول الآراء بكل موضوعية، وأن لا تظهر العاطفة تجاه التاج السبكي أو عليه، بل تناولت الآراء بطريقتي الخاصة محاولا إيصال المعلومة بصورة علمية سليمة.

وبعد: فالله العظيم أسأل، أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به قارئه وسامعه، ويجعله في صحيفة أعمالي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فإن أصبت فبفضل الله ورحمته، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان، ورحم الله من صوب خطأي بالحسنى، والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحمد ابراهيم الحسنات

عمان/ الأردن

17 ربيع الأول 1423هـ

الموافق 30 أيار 2002 م

طور بواسطة نورين ميديا © 2015