04 إنّ الذين ذَكَروا سنة 728هـ كما رأيت هم من المعاصرين للتاج السبكي ومنهم شيوخه وأقرانه، في حين الذين ذَكَروا سنة 727هـ أو سنة 729هـ كلهم متأخِّرون عن عصره وعهده ولم يُدرِك أيّ منهم التاج السبكي، مما يَعني تقديمَ قول المعاصرين عليهم؛ لأنّهم أعلمُ بحاله من غيرهم، كلُّ ذلك يؤكّدُ أنّ مولدَه سنة 728هـ، ما في ذلك شك.
تعدّ الأسرة التي منها التاج السبكي أسرةً عريقةً فريدةً من نوعها، إذ أنّ معظم أفراد هذه الأسرة ـ إن لم نقل كلهم ـ علماء أو قضاة أو خطباء أو مدرسون للعلم، قلّما تجد أسرة تمتاز بهذه المِيزة، وسأعرض هنا بصورة موجزة أبرز أفراد أسرة التاج السبكي، فأَذكُرُ منهم (?):
الإمام العلامة شيخ الإسلام أبو الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي بن علي بن تمّام بن يوسف السبكي الخزرجي الأنصاري، الشيخ الإمام الفقيه المجتهد، المحدث الحافظ، المفسر المقريء، الأصولي المتكلم النحوي اللغوي الأديب، الحكيم المنطقي الجدلي الخلافي النظار.
ذَكَره الذهبي في المعجم المختص وقال عنه: ((القاضي الإمام العلامة الفقيه المحدث الحافظ فخر العلماء ... كان صادقاً متثبتاً خيراً ديناً متواضعاً حَسَنَ السَّمتِ من أوعية العلم يدري الفقهَ ويقرّره، وعلمَ الحديث ويحرّره، والأصولَ ويُقْرِئها، والعربيةَ ويحقّقها ... ، وصنّف التصانيف المتقنة، وقد بقي في زمانه الملحوظَ إليه بالتحقيق والفضل، سمعت منه وسمع مني، وحكم بالشام وحُمِدَت أحكامه والله يُؤيّده ويُسدّده)) (?) اهـ.
له تصانيف فائقة كثيرة تربو على 211 مصنفاً منها (?):
((الاعتبار ببقاء الجنة والنار))، ((النكت على صحيح البخاري))، ((الابتهاج في شرح المنهاج))، ((ورد العلل في فهم العلل))، ((أحكام كل وما تدل عليه))، وغيرها الكثير الكثير. توفي رحمه الله تعالى في القاهرة سنة 756 هـ (?).
01 بهاء الدين: الإمام العلامة قاضي القضاة أبو حامد أحمد بن علي السبكي، فقيه أصولي، لغوي نحوي، صاحب فضائل جمة ومناقب كثيرة، قال عنه الذهبي: ((الإمام العلامة المدرس ... له فضائل وعلم جيد، وفيه أدب وتقوى، ساد وهو ابن عشرين سنة، ودرّس في مناصب أبيه وأثنى على دروسه)) (?)
وقال عنه ابن شهبة: ((كان كثير الحج والمجاورة والتعبد والأوراد، كثير المروءة والإحسان)) (?).