التحدى والتوكيد لنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأييد له، وقد تتضافر عوامل كثيرة فى بيان وجوه الإعجاز القرآنى التى تنكشف لكل عصر سابق ولاحق ولا تنتهى عند حد، ولكن اللغة هى أبرز هذه العوامل، فهى التى برع فيها القوم، وهى المجال الأول للتحدى، لذا لعبت اللغة الدور الأمثل عند ابن عاشور فى بيان الإعجاز حيث يقوم كل من الحرف واللفظة والجملة بدوره فى الأداء المعجز، ولا ينفصل أى منهم فى دلالته عن غيره من الدلالات، وكان الشعر الجاهلى عنده من المصادر الأصلية التى أعانته على ذلك، وابن عاشور من هذه الناحية يمثل بحق الاتجاه العربى فى بيان الإعجاز القرآنى الذى يقوم على أصول عربية خالصة بعيدا عن الإتجاه الواقع تحت تأثير المنطق أو الفلسفة.

خامسا: آيات الأحكام:

استعرض ابن عاشور فى تفسير هذه الآيات كثيرا من أقوال أئمة المذاهب الفقهية وأصحابهم فضلا عن الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين، وكان تفسيره للآية الواحدة زاخرا بكثير من أقوال العلماء والفقهاء حتى كأنه لم يترك قولا واحدا لما ذكروه فى الآية المطروحة أمامه، سواء ما أجمع عليه هؤلاء أو اختلفوا فيه.

واتخذ هذا الاستعراض أشكالا مختلفة عند مناقشة الآراء الفقهية، فحينا يجمع بين ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك والشافعى، أو أبو حنيفة وبعض فقهاء الأمصار كالليث بن سعد، وحينا بين ما ذهب إليه مالك والشافعى دون غيرهما، أو مالك والشافعى وبعض التابعين، أو ما روى أحمد بن حنبل فى مسنده وغيره من أصحاب الأئمة، وقد أخذ مالك فى هذا الاستعراض نصيبا أكثر من غيره من الفقهاء أصحاب المذاهب وأكثر مروياته عنه كان من الموطأ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015