البشرى إنسانا آخر له طبيعة غير طبائع الناس، إن المعصوم فى رأى هشام بن الحكم، ورأى جميع الشيعة إنسان يغضب ويرضى، ويحزن ويفرح، ويتلذذ ويتألم، ويجب ويكره إلى غير ذلك من صفات الإنسان، وهذه الحالات وإن كانت من شأنها أن تسيطر على الإنسان، وتسوقه إلى المعاصى والمنكرات واتباع الشهوات واللذات، إلا أنها فى الأنبياء والأئمة (ع) تكون مغلوبة للقوة الخيرة التى تصرفهم إلى الطاعة، وتسيطر على الدواعى التى تحرك إلى المعصية بنحو تصبح تلك الدعاوى معدومة التأثير وكانها لم تكن (?).

وعصمة الأئمة ظهرت بعد وفاة جعفر الصادق على يد هشام ابن الحكم (ت 199 هـ- 815 م) وهو فى أغلب الأقوال أول من تبناها، ودعا لها (وقد رأى بعد إيمانه بالإمامة، وكونها وارثة النبوة أن الإمام أحوج إلى العناية الإلهية من النبى بحكم اتصال الأنبياء بالله عن طريق الوحى وامتناع ذلك على الإمام، فتبنى هشام" العصمة"، وأضافها إلى الأئمة فجعلهم فى مقام يستطيعون منه الصدور عن الحق والصواب دون حاجة إلى الوحى (?).

وذكر عبد القاهر البغدادى (وكان هشام يجيز على الأنبياء العصيان مع قوله بعصمة الأئمة من الذنوب، ورغم أن نبيه صلى الله عليه وسلم عصى ربه عز وجل فى أخذ الفداء من أسارى بدر غير أن الله عز وجل عفا عنه، وتأول على ذلك قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ (?).

وفرق فى ذلك بين النبى والإمام بأن النبى إذا عصى آتاه الوحى بالتنبيه على خطاياه، والإمام لا ينزل عليه الوحى، فيجب أن يكون معصوما عن المعصية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015