أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ (?) فجاء فعل" أتوا" مضمنا معنى مرّوا فعدى بحرف على؛ لأن الإتيان تعدى إلى اسم القرية والمقصود فيه الاعتبار بمآل أهلها، فإنه يقال أتى أرض بنى فلان، ومر على حى كذا، وهذه الوجوه كلها لا تخالف أساليب الكلام البليغ، بل هى معدودة فى دقائقه ونفائسه التى تقل نظائرها فى كلام بلغائهم لعجز فطنة الأذهان البشرية عن الوفاء بجميعها (?).
وعن نظم القرآن وجمعه بين الموعظة والتشريع (?) على خلاف ما جاء من أساليب العرب ... يقول:
«نرى من أعظم الأساليب التى خالف بها القرآن أساليب العرب أنه جاء فى نظمه بأسلوب جامع بين مقصديه وهما: مقصد الموعظة. ومقصد التشريع، فكان نظمه يمنح بظاهرة السامعين ما يحتاجون أن يعلموه وهو فى هذا النوع يشبه خطبهم، وكان فى مطاوى معانيه ما يستخرج منه العالم الخبير أحكاما كثيرة فى التشريع والآداب وغيرها، وقد قال فى الكلام على بعضه وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (?)، هذا من حيث ما لمعانيه من العموم والإيماء إلى الحلل والمقاصد وغيرها» (?).