«وهل استنباط الأحكام التشريعية من القرآن فى خلال القرون الثلاثة الأولى من قرون الإسلام إلا من قبيل التفسير لآيات القرآن بما لم يسبق تفسيرها به قبل ذلك؟ وهذا الإمام الشافعى يقول: تطلبت دليلا على حجية الإجماع فظفرت به فى قوله تعالى: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً» (?).
ويقول عن المحاذير التى جعلت أمام من يفسر القرآن بالرأى:
«وأما الجواب عن الشبهة التى نشأت من الآثار المروية فى التحذير من تفسير القرآن بالرأى فمرجعه إلى خمسة وجوه» (?).
وهذه الوجوه تدور حول ألا يكون المراد بالرأى هو القول عن مجرد خاطر دون الاستناد إلى نظر فى أدلة العربية ومقاصد الشريعة وتصاريفها، وألا يتدبر المفسر القرآن حق تدبره، فيفسره بما يخطر له من بادئ الرأى دون إحاطة بجوانب الآية ومواد التفسير، أو أن يكون له ميل إلى نزعة أو مذهب أو نحلة فيتأول القرآن وفق رأيه ويصرفه عن المراد، أو يفسر القرآن برأى مستند إلى ما تقتضيه اللفظة، ثم يزعم أن ذلك هو المراد دون غيره لما فى ذلك من تضييق على المتأولين، وأخيرا أن يكون القصد من التحذير أخذ الحيطة فى التدبر والتأويل ونبذ التسرع إلى ذلك.
ويقول عن موقف التابعين فى التفسير، وعن بعض المفسرين الذين التزموا بالآثار المروية، وعن بعضهم الآخر الذين نحوا بتفاسيرهم إلى التفسير بغير المأثور: