فظهر أنَّ العلة قدحت في الإسناد، وإن كان الخطأ هو إبدال ثقة مكان ثقة آخر؛ لأنَّ هذا الخطأ يدل على وهم الراوي وعدم ضبطه لهذا الحديث.
وقال ابن الصلاح: " ثم قد تقع العلة في إسناد الحديث وهو الأكثر، وقد تقع في متنه ثم ما يقع في الإسناد قد يقدح في صحة الإسناد والمتن جميعاً، كما في التعليل بالإرسال والوقف، وقد يقدح في صحة الإسناد خاصة من غير قدح في صحة المتن " (?).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في النكت: " قوله - يعني ابن الصلاح -: " ثم قد تقع العلة في الإسناد وهو الأكثر وقد تقع في المتن ... " إلى آخره قلت: إذا وقعت العلة في الإسناد قد تقدح، وقد لا تقدح، وإذا قدحت فقد تخصصه وقد تستلزم القدح في السند، وكذا القول في المتن سواء، فعلى هذا يكون للعلة ستة أقسام:
1 - فمثال ما وقعت في الإسناد ولم تَقْدِح مطلقاً: ما يوجد مثلاً من حديث مدلّس بالعنعنة، فإن ذلك عِلَّةٌ تُوجِبُ التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح فيها بالسماع تبين أن العلة غير قادحة.
وكذا إذا اختلف في الإسناد على بعض رواته، فإنَّ ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإن أمكن الجمع بينها على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحفُّ الإسناد تبين أنَّ تلك العلة غير قادحة.
2 - ومثال ما وقعت العلة فيه في الإسناد وتقدح فيه دون المتن: ما مثل به المصنف من إبدال راوٍ ثقة براوٍ ثقة وهو بقسم المقلوب أليق، فإن أبدل راوٍ ضعيف براوٍ ثقة وتبين الوهم فيه استلزم القدح في المتن أيضاً، إن لم يكن له طرق أُخرى صحيحة، كما روى يعلى بن عبيد الطَّنَافِسي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النَّبِي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا))، فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار إنمَّا هو عبد الله بن دينار، كما رواه الأئمة من أصحاب الثوري، يعني فلا يضر في صحة المتن؛ لأنَّ عبد الله وعَمْراً كلاهما ثقة.