وقال النعمان بن عبدالسلام، عن الثوري عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبيه موقوفاً، ولا يثبت قوله عن أبيه، وقال أحمد بن حنبل، عن حماد بن خالد قلتُ لمخرمة: سمعت من أبيك شيئا؟ قال: لا، هذا كلام الدارقطني.
وهذا الذي استدركه بناه على القاعدة المعروفة له ولأكثر المحدثين أنَّه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال، وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة، والصحيح طريقة الأصوليين والفقهاء والبخاري ومسلم ومحققي المحدثين أنَّه يحكم بالرفع والاتصال لأنها زيادة ثقة، وقد سبق بيان هذه المسألة واضحا في الفصول السابقة في مقدمة الكتاب وسبق التنبيه على مثل هذا في مواضع أخر بعدها، وقد روينا في سنن البيهقي، عن أحمد بن سلمة قال: ذاكرت مسلم بن الحجاج حديث مخرمة هذا فقال مسلم: هو أجود حديث وأصحه في بيان ساعة الجمعة " (?).
قلتُ: وما أشار إليه الإمام النووي من أنَّ الدارقطني يتبع القاعدة المعروفة له، ولأكثر المحدثين أنَّه إذا تعارض في رواية الحديث وقف ورفع أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال، ليس ذلك على الإطلاق، وليست هي قاعدة مطردة عنده، وإنَّما كان الدارقطني يتبع قرائن ترجح الموقوف أو المرسل، ويرجح أو يُعل تبعاً للمتابعات والشواهد والقرائن، وسوف نفرد له فصلاً كاملاً إن شاء الله لبيان منهجه في قرائن الترجيح.