العلم، مع أنَّ البخاري كان متقدماً على أهل زمانه في معرفة العلل، فإنهم كانوا لا يختلفون أن الإمام علي بن المديني، ومحمد بن يحيى الذُّهلي كانا من أعلم الناس بعلل الحديث، وقد أخذ البخاري عنهما، إلى حد قول شيخه ابن المديني لما بلغه أن البخاري يقول: " ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند ابن المديني"، قال: " دعوا قوله فإنَّه ما رأى مثل نفسه " (?)، ومعلوم أن مجرد الخلاف لا يعني الاضطراب في الحديث وهذا لا خلاف عليه بين المحدثين، فقد قَالَ الحافظ العراقي: " وإنّما يُسَمَّى مضطرباً إذا تساوتِ الروايتان المختلفتانِ في الصحةِ بحيثُ لم تترجَّحْ إحداهُما على الأخرى، أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ، أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح؛ فإنَّه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب ولا لَهُ حكمه، والحكم حينئذ للوجه الراجح " (?).

الحديث الثاني: قال البخاري في كتاب الجمعة: " حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ وَدِيعَةَ حَدَّثَنَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: ((قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى)) " (?).

قال الإمام البرقاني في العلل: " وسئل عن حديث المقبرى عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ اغْتَسَلَ الرَّجُلُ، وَغَسَّلَ رَاسَهُ وَتَطَيبَ وَلَبِسَ مِنْ صَالِح ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلِى الصَّلاَةِ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ واسْتَمَعَ مِنَ الإمَامِ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَة ثَلاثَة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015