قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية: " قال صاحب التنقيح: قال أحمد - يعني ابن حنبل-: هذا من أجود حديث المسح على الخفين؛ لأنَّهُ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وهي آخر غزوة غزاها " (?).
قال الترمذي في العلل الكبير: "سألت مُحمدًا - يعني البخاري - فقلت أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح على الخفين؟، قال: حديث صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة (?) حَسَنٌ، وسألته عن حديث هُشَيْمٍ، عن داود بن عمرو، عن بسر بن عبيدالله، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف: ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَسْحِ ...)) الحديث، فقال: هو حَدِيثٌ حَسَنٌ " (?).
قلتُ: والعلةُ المشار إليها هنا هي تفرد هُشَيْمٌ وهو ابن بشير أبو معاوية السلمي، وهو ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي (?)، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط، ثم قال: لا يروى عن عوف إلا بهذا الإسناد تفرد به هُشَيْمٌ (?). وأضف إلى ذلك معارضتهُ لحديث ابن عمر قوله: ((لَيسَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَينِ وَقَتٌ، امْسَحْ مَا لمَ تَخَلَعْ)) (?).
فرجَّح الإمام أحمد حديث هُشَيْمٌ؛ لأنَّهُ في غَزْوَةِ تَبُوكَ، وهي آخر غزوة غزاها رسُول الله صَلَّى اللهِ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَعُلِمَ بذلك أنَّ حديث هُشَيْمٍ كان آخر الأمرين في التوقيت للمسح على الخفين، وبهذا وضحت أهمية تحديد ومعرفة الغزوات في الترجيح بين المرويَّات، ومما يؤيد ذلك ما رواه الدارقطني في السنن: " من طريق بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد