يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ، وروى هذا الحديث سفيان الثوري عن الزبير بن عدي به ولم يذكر فيه: لَمْ يَعُدْ، ثم رواه الحاكم وعنه البيهقي بسنده عن سفيان عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن الأسود أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرِ، انْتَهَى. " (?).
فقول أبي حاتم وأبي زُرْعَةَ: " سفيان أحفظ "، يدل على أنَّهما رجحا رواية سفيان الثوري عن الزبير بن عدي به ولم يذكر فيه: " لَمْ يَعُدْ "، واعتبرت هذه اللفظة معلولة كما أشار إلي شذوذها الحاكم في النص السابق، مما يظهر كيف كان الأئمة النُّقاد يستدلون بقرينة الأحفظ للرواية من غيره، وقد تكلف قوم الجمع والرواية خطأ في الأصل فلا يصح الجمع بين ما هو ثابت صحيح، وبين رواية لم تثبت، والله أعلم.
تعتبر قرينة الترجيح بالأقوى في الشيخ من أهم وأشهر القرائن التي اعتمد عليها الدارقطني والنُّقاد المتقدمين في الترجيح بين المرويَّات؛ وذلك لأنَّ الرواة ليسوا على مرتبة واحدة في الضبط والإتقان عن الشيخ ولاسيما إذا كان الشيخ مكثراً، فالرواةُ يتفاوتون في ملازمة الشيخ، فمنهم من يلازم الشيخ مدة طويلة، وقد سمع الحديث مرراً واستوعب حديثه، ومنهم من لم يسمع الحديث إلا مرة واحدة، ولم يلازم الشيخ إلا مدة يسيرة، لذا اهتم النُّقاد بهذه القرينة في الترجيح وأثبتوا طبقات الرواة عن الشيوخ والمفاضلة بينهم.
وقد قَسَّم النُّقاد الرواة عن الزهري مثلاً إلي خمسِ طبقاتٍ، قال الحافظ أبو بكر الحازمي: " وهو أن نعلم مثلا أنَّ أصحاب الزهري على خمس طبقات، ولكل طبقة منها مزية على التي تليها، فمن كان في الطبقة الأولى فهو الغاية في الصحة وهو مقصد البخاري، والطبقة الثانية شاركت الأولى في التثبت إلا أن الأولى جمعت بين الحفظ والإتقان، وبين طول الملازمة