قالَ أبو عبدالرحمن - عبدالله بن أحمد بن حنبل -: وهذا الحديثُ يَرْوونَهُ عن إسرائيلَ عن عَمْرو بنِ خَالد، عن زَيد بنِ علي، عن آبائه، عن علي: ((أنَّ النَّبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ)) وعَمْرو بنُ خَالد لا يسوي حديثه شيئاً " (?).
المثال الثالث: قال البرذعي قال لي أبو زرعة: " خالد بن يزيد المصري وسعيد بن أبي هلال صدوقان وربما وقع في قلبي من حسن حديثهما ". قال: وقال لي أبو حاتم: ... " أخاف أن يكون بعضها مراسيل عن ابن أبي فروة وابن سمعان " (?).
قال ابن رجب شارحاً قول أبي حاتم: " ومعنى ذلك أنَّه عرض حديثهما على حديث ابن أبي فروة، وابن سمعان فوجده يشبهه، ولا يشبه حديث الثقات الذين يحدثان عنهم فخاف أن يكون أخذا حديث ابن أبي فروة، وابن سمعان ودلساه عن شيوخهما " (?).
وبنهاية هذا المبحث نكون قد انتهينا من الفصل الأول من الباب الرابع بفضل الله ومعونته سبحانه وتعالى، وبهذا نكون قد استعرضنا بعض قرائن التعليل الدقيقة، والدلالات التي كان نقاد الحديث يستعملونها في إعلال المرويَّات، ولا يشك عاقل فضلاً عن عالم بأمور هذا الشأن أنَّ هناك ثَمَّ قرائن تعليل أخرى كثيرة لم تذكر في هذا الفصل، وأظن أنها لو جُمِعَت بمفردها لكانت عدة مجلدات كبيرة، وإنَّما اجْتَهَدتُ في استخراج منهج الدارقطني منها مقارناً بمنهج النقاد المتقدمين؛ لنلتمس طريقة القوم في استعمالهم للدلائل والأسباب التي بنوا عليها أحكامهم في تعليل الأخبار.