فقال - الدارقطني -: يرويه أَبُو الأَحْوَصِ، عن سِمَاكٍ، عن القاسم، عن أبيه، عن أَبِي بُرْدَةَ، واختلف عن أَبِي الأَحْوَصِ، فقال عنه سعيد بن سليمان، عن سماك عن أبي بردة عن أبيه، ووهم فيه على أبي الأحوص (?)، ووهم فيه أبو الأحوص على سِمَاكٍ أيضاً وإنَّما روى هذا الحديث سماك عن القاسم عن ابن بردة عن أبيه، ووهم أيضا في متنه، في قوله ولا تسكروا، والمحفوظ عن سِمَاكٍ أنَّه قال: وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ " (?).
قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني هي خطأ أَبِي الأَحْوَصِ - وهو ثقة من رجال الشيخين - في سند ومتن الحديث؛ لأن الحديث غير معروف عن سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ بهذا الإسناد والمتن، والمحفوظ عن سِمَاك خلافه، ولم يتفرد الدارقطني بإعلال الحديث بل أعلَّه جمع من النُّقاد المتقدمين بالعلةِ نفسها منهم: أَبَو زُرْعَةَ، والنسائي، وبرهان ذلك:
قَالَ عبدالرَّحمن بن أبي حاتم: وَسَأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ عَنْ حَدِيثٍ: أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((اشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ، وَلا تَسْكَرُوا)).
قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: فوَهِمَ أَبُو الأَحْوَصِ، فَقَالَ: عَنْ سِمَاكٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَلَبَ مِنَ الإِسْنَادِ مَوْضِعًا، وَصَحَّفَ فِي مَوْضِعٍ أَمَّا الْقَلْبُ: فَقَوْلُهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، أَرَادَ: عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، ثُمَّ احْتَاجَ أَنْ يَقُولَ: ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ - رضي الله عنه -، فَقَلَبَ الإِسْنَادَ بِأَسْرِهِ وَأَفْحَشَ فِي الْخَطَأ، وَأَفْحَشُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَشْنَعُ تَصْحِيفُهُ فِي مَتْنِهِ: ((اشْرَبُوا فِي الظُّرُوفِ وَلا تَسْكَرُوا)).
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَبُو سِنَانٍ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ، وَزُبَيْدٌ الْيَامِيُّ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْعٍ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وسلمة بن كهيل كلهم عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: ((نَهَيْتُكُمْ عَنْ