وقد ثبت موقوفاً من قول عمر - رضي الله عنه -، وأشار إلى ذلك البخاري تعليقاً فقال: " وَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَيُرْوَى عَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ فِي غَيْرِ حَقِّ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ فِيهِ حَقٌّ وَيُرْوَى فِيهِ، عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (?).
فظهر صواب من أعلّ هذا الإسناد بدلالة التفرد، بخلاف من صححه، فإنه نظر لثقة رواته، وجاء بمتابعات لا تصلح لأن تكون شاهداً يُعتَضد به هذا الحديث، فحكم بصحته، وقد صحح قوم أحاديث كثيرة بهذه الطريقة، وهي في واقع أمرها إما معلولة أو شاذة تبعاً لحكم كبار النُّقاد عليها وسوف نوضح ذلك في النماذج التالية.
نموذج من تعليل النُقاد بدلالة قرينة التفرد:
لقد أكثر النُّقاد التعليل بالتفرد للدلالة على الخلل في الحديث، وأطلقوا لفظة التفرد على رواية الثقة والضعيف على السواء، أو قولهم: "لم يروه عن فلان إلا فلان، وغيرها من الألفاظ التي تدل على التفرد، وسوف نضرب مثالاً يوضح ذلك من مصنفاتهم:
قَالَ ابن عَدى في الكامل: " قال البخاري: سمعت أحمد بن حفص السعدي يقول: قيل لأحمد بن حنبل رحمة الله عليه (يعني وهو حاضر) حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلاَ يَصَوْمَ أَحَدٌ حَتَّى يَصَوْمَ رَمَضَانُ)) (?).