قلتُ: وقول الإمام أبي حاتم: " هَذَا الصَّحِيحُ "، لا يعني أنَّ الإسناد صحيح بل قصده أنَّ الإسناد محفوظ على هذا السياق الثاني، وليس على السياق الأول، والذي ظنَّ أبو حاتم أنَّه غريب، ثم تبين له العلة فيه، والخطأ محمول على مَرْوَان الطَّاطَرِي، وقد أشار إلى ذلك الإمام أبي حاتم في العلل (?)، فتبين أنَّ الغرابة قد تعني عندهم عدم استقامة الحديث، فإنِّه من غير المعقول رواية مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَنَسٍ، فإنَّ بينهما مفاوز فمُوسَى ابْنِ أَبِي عَائِشَةَ لم يدرك أَنَسٍ، ولم يَرْوِ عن أحد من الصحابة، ولم يذكر الإمام أبي حاتم لفظة " غريب " في علله إلا في حوالي أربعة عشر (14) موضعاً (?).
المثال الثاني: قال عبدالله - ابن أحمد بن حنبل -: " حدثني أبي فقال: حدثنا هُشيم، قال: أخبرنا يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي: ((أنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَهِي تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ، وَمَعَهَا جَوَارٍ، فَقَالَ لَهَا: مَا هَذَا يَا عَائِشَةَ؟ فَقَالَتْ: هَذِهِ خَيلُ سُلَيْمَانَ، قَالَ فَجَعَلَ يَضْحَكُ مِنْ قَوْلِهَا)) (?). سمعت أبي يقول: غريب لم نسمعه من غير هُشيم، عن يحيى بن سعيد " (?).
قلتُ: وقول الإمام أحمد: " غريب لم نسمعه من غير هُشيم "، إشارة لتفرد هُشيم وهو ابن بشير الواسطي بالحديث عن يحيى بن سعيد وهو الأنصاري، ولم يذكر الإمام أحمد في كتابه العلل لفظة " غريب " إلا على أربع أحاديث فقط (?).