وقال ابن فارس: " (نقد) النون والقاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إبراز شيءٍ وبُروزه ومن الباب نَقْد الدِّرهم، وذلك أن يُكشَف عن حالِهِ في جَودته أو غير ذلك. ودرهمٌ نَقْدٌ: وازِنٌ جيّد، كأنَّه قد كُشِف عن حاله فعُلم " (?)، فالنقد كما تبين هو إخراج وتمييز الجيد من الرديء لغة، وهو موافق لمصطلح المحدثين: أي تمييز الحديث الصحيح من الضعيف، وتمييز الأخبار من وجهتين: الأولى من جهة رواته توثيقاً وتجريحاً، والثانية من جهة المروي وهو متن الحديث إقراراً بصلاحيته أو تعليله.
بيان مشروعية النقد والتعليل:
أخرج البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها: ((أَنَّ رَجُلاً اسْتَاذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَآهُ قَالَ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ وَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطَ إِلَيْهِ فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حِينَ رَأَيْتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَطَلَّقْتَ فِي وَجْهِهِ وَانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَائِشَةُ مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ شَرِّهِ)) (?).
قال الخطيب البغدادي: " ففي قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: ((بئس رجل العشيرة))، دليل على أن إخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجبه العلم والدين من النصيحة للسائل ليس بغيبة، إذ لو كان ذلك غيبة لما أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد عليه السلام بما ذكر فيه، والله