سنتعرض في هذا المبحث لأجناس العلل الخفية في المتون عند الإمام الدارقطني في كتابه العلل، وكان كل ما سبق ذكره من قبيل أجناس العلل التي تخص الإسناد دون المتن، وأما في هذا المبحث فسوف نقوم إن شاء الله بدراسة مجموعة من أجناس العلل الخاصة بالمتون ثم نضرب لها أمثلة تُبيّنها وتظهر المقصود من العلة، ومنهج الدارقطني فيها.
الجنس الأول: التصحيف والتحريف في متن الحديث.
المثال الأول: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني - عن حديث همام بن منبه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((النَّارُ جُبَارٌ)) (?).
فقال - الدارقطني -: يرويه عبدالرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة، قال إسحاق بن إبراهيم بن هاني: عن أحمد بن حنبل إنما هو البئر جبار، وأهل صنعاء يكتبون النار بالباء على الإمالة للفظهم، فصحفوا على عبدالرزاق البئر بالنار، والصحيح الْبِئْرُ.
قال الشيخ: إسحاق هذا له عن أحمد مسائل وكان ألزم لأحمد من أبيه " (?).
قلتُ: والعلة التي أشار إليها الدارقطني هي: التصحيف في متن الحديث حيث صحَّفه أهل صنعاء من البئر إلى النار، والرِّوايات كلها تخالف هذا اللفظ، واستدل الدارقطني بقول الإمام أحمد بن حنبل: على أنَّ الصحيح في هذه اللفظة " الْبِئْرُ ".