لقد مر بنا في المبحث السابق أن علماء الحديث في القرنين الثاني والثالث الهجري قد بذلوا جهوداً عظيمة في تدوين السنة والحفاظ عليها بأنواع شتى من المصنفات، وطرق مناهج مختلفة في التأليف، والسؤال الذي يطرح هل كان إلى جانب هذا الجهد العظيم في الجمع والتصنيف، جهداً موازياً في النقد والتمحيص؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال، نحدد المراد بالنقد لغة واصطلاحاً ثم ما هي عوامل ظهوره ثم نعرض بشيء من الاختصار إلى جهود المحدثين ومصنفاتهم في النقد الحديثي إلى عصر الإمام البخاري.
فالنقد لغة: هو تمييز الدراهم وإخراج الزيف منها، وكذا تميز غيرها ومثل هذا المصدر في مدلوله، التنقاد والتنقد من انتقد وتنقد الدراهم: أي ميز جيدها من رديئها (?) .