فهذا الاضطراب لا يقدح في صحة أصل الحديث وإن كان يقدح في ثبوت العدد، ولهذا نظائر وأمثلة في صحيح البخاري منها: حديث الواهبة نفسها.

الذي يرويه أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله: إني قد وهبت لك نفسي فقال رجل زوجنيها قال: زوجناكها بما معك من القرآن" (?) .

فقد اختلف الرواة على أبي حازم فقال مالك وجماعة: فقد زوجناكها، وقال ابن عيينة: أنكحتكها، وقال ابن أبي حازم، ويعقوب بن عبد الرحمن: ملكتكها، وقال الثوري: أملكتكها، وقال أبو غسان: أمكناكها.

قال الحافظ: "المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذه الألفاظ كلها مرة واحدة تلك الساعة، فلم يبق إلا أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفظاً وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى والله أعلم " (?) .

فهذا الاختلاف لم يضر في ثبوت الحديث.

فكذلك الاختلاف الواقع في حديث "الإيمان بضع وسبعون " لا يقدح في صحته. وإن كان الإمام البخاري - رحمه الله - قد اختار ورجح رواية "بضع وستون " فما هو الأساس الذي اعتمده في ترجيح هذه الرواية؟ قد أشار إليه الحافظ بقوله: "ورجع البيهقي رواية البخاري لان سليمان لم يشك، وترجيح رواية بضع وسبعون شعبة لكونها زيادة ثقة. كما ذكره الحليمي ثم عياض - لا يستقيم إذ الذي زادها لم يستمر على الجزم بها، لا سيما مع اتحاد المخرج، وبهذا يتبين شفوف نظر البخاري وقد رجح ابن الصلاح رواية الأقل لكونه المتيقن" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015