وقد صحح الإمام مسلم هذين الإسنادين1.

وأنكر الإمام أحمد الروايات عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين، واستدل لذلك بإنكار أبي هريرة المسح على الخفين، وقد أوضح هذا الاستدلال الإمام مسلم، قال: "الرواية في المسح عن أبي هريرة ليست بمحفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم لثبوت الرواية عنه بإنكاره المسح على الخفين ... ولو كان قد حفظ المسح عن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجدر الناس وأولاهم للزومه والتديّن به، فلما أنكره ... بان ذلك أنه غير حافظ المسح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنّ مَن أسند ذلك عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم واهي الرواية، أخطأ فيه إما سهواً أو تعمداً".

فقد اتفق الإمامان أحمد وتلميذه مسلم على الأخذ بهذا المسلك في إعلال الحديث.

وفي هذه الأمثلة ما يكفي لإبراز منهج الإمام أحمد في هذا الموضوع2.

وسلوك هذا المسلك في إنكار الأحاديث قد لا يخلو من نظر في بعض الأحيان كما سبق وأن رأينا في تعقب ابن دقيق العيد على بعض صوره، وأيضاً قد يكون الراوي حين جاء عنه ما يخالف روايته فعَل ذلك لمعارض راجح بلغه، فترك موجِبَ روايته وعمل أو أفتى بالراجح، أو يكون لناسخٍ بلغه؛ وقد يكون نسي ما روى كما قال قتادة في فُتيا الحسن بخلاف روايته في قتل الحر بالعبد3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015