فاختلف الحفاظ في الترجيح، فنقل أبو زرعة الدمشقي عن ابن معين كما في السؤال أنه يقول في حديث معمر: إنه منكر، وأن الصواب رواية مالك؛ وكذلك قال البخاري1.
وأما الإمام أحمد فأثبت رواية معمر، ولم ير رواية مالك علة تعل بها روايته، واحتج في ذلك برواية صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري بمثل رواية معمر2. وصالح بن أبي الأخضر ممن لا يحتج به على الانفراد، لكن يعتبر به ويستدل به كما قال أحمد في هذا الموضع، فصنيع الإمام أحمد هذا يدل على أن رواية الحافظين المتقاربين في الحفظ إذا تعارضتا وجاءت رواية أخرى بموافقة إحدى الروايتين ـ وإن جاءت من جهة راوٍ متكلم فيه ما دام لم يبلغ حد الترك ـ حكم لها، تغليباً لجانب الكثرة، وهذا من أبرز الأمثلة على ذلك. ولم يحكم على الرواية المخالفة بأنها خطأ، إنما ردّ صلاحيتها للقدح في الرواية المحفوظة.
ومن صور المخالفة لرواية الأكثرين، مخالفة الراوي الثقة الحافظ لجمع من الرواة، وإن كان أحفظ من كل واحد منهم على الانفرد، فهنا أيضاً يرجح الإمام أحمد رواية الجماعة على الواحد، أو رواية الأكثر على الأقل، ويحكم على رواية المنفرد أو الأقلين بالخطأ. ومن أمثلة ذلك:
1. قال عبد الله: "سألت أبي عن حديث عبد الرحمن بن مهدي، عن زائدة،