والمخالفة بين الرواة تأخذ عدة أشكال، ورواية الراوي لمن هم أولى منه كثرة تأتي في صور:
منها: أن يكون الراوي ثقة حافظاً فيخالف رواية مثله في الحفظ والثقة، ويكون مع المخالف غيره من الرواة يوافقه، فحينئذ رواية الأكثر عدداً هي المرجحة وتكون رواية المنفرد خطأ، مثال ذلك:
قال أبو داود: "سمعت أحمد ذكر له حديث جرير، عن منصور، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العِدّة، ثم صوموا حتى تروا الهِلال أو تُكملوا العِدّة". قال: هذا سفيان وغيره عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، يعني يرويه سفيان وغيره، عن منصور، عن ربعي، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ليس من ذا شيء، يعني: ليس قوله: "عن حذيفة"، يعني: يريد ليس حذيفة بمحفوظ بهذا الحديث" 1.
هذا الحديث خالف فيه جريرُ بن عبد الحميد الضبي سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر، وكل من جرير الضبي والثوري ثقة2، فحكم الإمام أحمد بخطأ رواية جرير لمخالفته عدداً من الرواة، فقدم رواية الأكثر عدداً.
ورواية جرير الضبي أخرجها أبو داود3، والنسائي4، وابن خزيمة5،