وربما أشار الإمام أحمد إلى الاختلاف ولا يبين أي الروايتين أرجح، وتلك الإشارة كافية للقدح فيما ظاهره الصحة، وقد يلتمس الترجيح بقرائن أخرى. ومن أمثلة ذلك:

قال أبو داود: "سمعت أحمد ذكر له حديث ابن أبي العشرين الذي يرويه عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة في سوق الجنة فقال: حدثنا به أبو المغيرة، عن الأوزاعي مرسل"1.

هذا الحديث رواه الترمذي2، وابن ماجه3، وابن أبي عاصم4، وابن أبي حاتم5، وابن حبان6، وابن عساكر7 من طرق عن هشام بن عمّار، عن عبد الحميد ابن أبي العشرين، عن الأوزاعي، حدثنا حسان بن عطية، عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة فقال: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة، فقال سعيد: أفيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ... وذكر الحديث بطوله.

وذكر الإمام أحمد أن ابن أبي العشرين قد خولف في رواية هذا الحديث عن الأوزاعي؛ خالفه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الشامي، فرواه عن الأوزاعي مرسل. ولم أقف على هذه الرواية، وقد بين الدارقطني وجه الإرسال فقال: رواه أبو المغيرة عن الأوزاعي قال: نُبئت أن أبا هريرة لقي سعيد بن المسيب8.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015