يُكتَفى بمجرد اللقاء فضلاً عن إمكانه.
ولهذا الاعتبار حكم الإمام أحمد بالإرسال على رواية سعيد بن السيب عن عمر، مع أنه أثبت أن سعيداً قد رأى عمر وسمع منه لكنه ما سمع منه إلا شيئاً يسيراً، فرواياته عنه زيادة على ذلك مرسلة1؛ وكذلك جعل رواية مكحول عن واثلة بن الأسقع مرسلة مع أنه أثبت دخوله عليه ورؤيته له، لكن أنكر سماعه له2، وقال: لم يصح له منه سماع3.
وقد يعترض على المثال الأول، وهو ابن المسيب عن عمر بما رواه أبو طالب أحمد بن حميد أنه قال لأحمد: "سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل؟ " 4، ويمكن أن يجاب عنه بأن اعتبار رواياته حجة لا يخرجها عن كونها مرسلة، لأن مراسيل ابن المسيب عند أحمد صحاح، وكان لا يرى أصح من مرسلاته5، وخاصة ما أرسله عن عمر، فإنه كان يسمى راويته لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته6، وهذا مما لا يخفى على الإمام أحمد.
وهناك وجه آخر لعدم الحكم بالسماع والاتصال بمجرد اللقاء، وهو أنه قد يحصل اللقاء بين راوييْن مع الرواية لكن تكون الرواية من كتاب بلا سماع