منهج الاعتدال (صفحة 93)

ومنهم من يظن: أن الجهاد منسوخ، وأنه يمكن للأمة الاستغناء عنه بالدعوة، وكلا الفريقين متطرف بين مُفْرِطٍ ومُفَرِّطٍ (?).

ولقد آن الآوان لشباب الصحوة أن يتعظوا بما مرَّ من تجارب، وأن يأخذوا من الأحداث التي قام بها كثير من الإسلاميين، دروساً وعبراً، والعاقل من اتعظ بغيره.

وأما إذا وقع قتال بين مسلمين وكفار، لا يدري المرء عن تفاصيله، وأراد الكفار أن يستأصلوا شأفة المسلمين، فهل يقف مكتوف الأيدي؟ من استطاع أن يعينهم بنفسه فليفعل، فمن لم يستطيع فبماله، فمن لم يستطع فبدعائه، وذلك أضعف الإيمان، وأدنى الولاء والبراء؛ وذلك لعموم وجوب نصرة المسلم، وللمسألة مقامات وتفصيلات ليس هاهنا محل تفصيلها.

مفاسد الجهاد والخروج بغير ضوابط شرعية:

ولقد حصل بسبب الجهاد بغير تحقق الشروط، أو الخروج على الحكام المسلمين، لذنب فعلوه، أو ظلم عملوه، مفاسد عظيمة، وذهبت منافع كبيرة، فسفكت الدماء، وانتهكت الأعراض، وسلبت الأموال، وعاش الناس في روع وخوف عظيمين، وأعظم من هذا كله، تعطل العمل، وانقطاع الدعوة، وتوقف جحافل المسلمين عن الفتح، وهداية الخلق، فانشغل المسلمون عن أعدائهم الحقيقييّن، فقويت شوكة العدو، فاستغلت بطانة السوء من الشعوبية واليهودية، انشغال المسلمين بعضهم ببعض، فنفّذوا في أمر المسلمين كيدهم، -بإذن الله- وكان ما كان بعد ذلك من البلاء والشقاء على الأمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015