منهج الاعتدال (صفحة 245)

فإن من تجنب الحكم على الأعيان، وانشغل بطلب العلم، واهتم بدعوة الخلق، حفظ لنفسه الأوقات، وانتفع بما آتاه الله من الطاقات، وازداد درجات في العلم، وأجراً بالدعوة، وحفظ نفسه من القيل والقال، وازداد ثباتاً في الدين.

فإنه من الملاحظ: أن معظم الناشئة الذين ينشئون على تتبع العثرات، والتعلق بالأعيان، والحكم على العباد، وجدناهم ينحرفون، وسرعان ما يسقطون، وأن الذين ينشؤون على طلب العلم، ويداومون على العمل الصالح وإن قل، ويدعون إلى الله بالحكمة، وجدنا هم يثبتون، ووجدنا لأعمالهم ثماراً، ولأقوالهم قبولاً، والأمثلة على هذا من الواقع كثيرة، يدركها المنصفون المبصرون، ويتعامى عنها الغافلون.

ألا يرى العاقل كثيراً من هؤلاء الذين لا يحسنون فقهاً، بل ولا حفظاً للكتاب والسنة، بل ولا يحسنون النطق بالعربية، قد هجروا العلم، وجعلوا همهم التجريح، ودأبهم التقبيح، يغشون المجالس بثرثرتهم، يُكفرون هذا، يبدّعون ذاك، يضللون هؤلاء، يفارقون ويُحذرون ويُخَبِّثون، يدخلون في النيات، ويلزمون الإلزامات، لذا كان لزاماً طرح مثل هذه القاعدة، لكبح جماح هذه الفتنة، وتربيتهم وضبطهم، هذا هو مقصود القاعدة، ولم يكن مقصودها منع الحكم على أهل البدع والضلال، كما زعم بعض مثيري الفتن (?).

ثم هل يستوي رجلان:

رجل يريد إشغال الطلاب بالطعن بالعلماء، والدعاة، والحكم على الناس: (كافر، زنديق، مبتدع، فاسق، خبيث) جاعلاً ذلك دينه وديدنه، صباحه ومساءه، طعامه وشرابه، علمه، وعمله، ودعوته (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015