اختار له الأمور اختيارًا وأخفي عنه، فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء، ويمر به الشيء فيقول: "والله ما قضى بهذا علي، إلا أن يكون ضل"1.
قال الحافظ التيجاني: "هذا يدل على أن قضاء علي كان مكتوبًا، والقضاء يستند إلى السُّنَّة"2.
وكتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية بن أبي سفيان بعض الحديث3.
وروى أبو خيثمة -رضي الله عنه- بسند صحيح عن ورَّاد كاتب المغيرة قال: أملى عليَّ المغيرة، وكتبته بيدي4.
وأجاز أبو أمامة الباهلي كتابة العلم، فقد سأله تلميذه الحسن بن جابر عن كتابة العلم فقال: لا بأس بذلك5، وكتب عبد الله بن أبي أوفَى -رضي الله عنهما- حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأرسله إلى بعض أصحابه6.
وأبو هريرة -رضي الله عنه- أكثر الصحابة حفظًا للحديث الشريف على الإطلاق، وذلك ببركة دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- له بالحفظ كما في صحيح البخاري، وإذا كان ممن لا يكتب الحديث الشريف، فإن تلاميذه كتبوا له حديثه، وأخذ هذه الكتب فحفظها عنده حتى لا يُغيَّر في حديثه أو يبدَّل فيه، وحتى تكون مقياسًا عنده لما نسب إليه من الأحاديث الكثيرة التي بثها في التابعين الذين بلغوا ثمانمائة نفس7.
وإذا كان أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- كره الكتابة؛ فإنما هذا اجتهاد منه؛ لئلا يجعل الحديث كالقرآن في كتاب، وليس لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، ومن جهة أخرى فإن ابنه خالفه، وكان يكتب حديثه8.