إلا حديثًا قد عمل به الفقهاء، وهذا شرط واسع، فإن على هذا الأصل كل حديث احتج به محتج أو عمل بموجبه عامل أخرجه، سواء صح طريقه أو لم يصح، وقد أزاح عن نفسه الكلام، فإنه شَفَى في تصنيفه، وتكلم على كل حديث بما يقتضيه، وكان من طريقته -رحمة الله عليه- أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور عن صحابي قد صح الطريق إليه وأخرج من حديثه في الكتب الصحاح، فيورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابي آخر لم يخرجوه من حديثه، ولا تكون الطرق إليه كالطريق إلى الأول، إلا أن الحكم صحيح، ثم يتبعه بأن يقول: وفي الباب عن فلان وفلان، ويعد جماعة فيهم ذلك الصحابي المشهور وأكثر، وقلما يسلك هذه الطريقة إلا في أبواب معدودة، والله أعلم"1.
وقال ابن الوزير في تنقيح الأنظار: "وفي كلام الذهبي ما يدل على جواز الاعتماد على تصحيح الترمذي وتحسينه؛ لانعقاد الإجماع على ثقته وحفظه في الجملة"2. ثم قال: "وأما قول الذهبي: "إن العلماء لا يعتمدون على تصحيحه" فلعله يريد: لا يعتمدون على تصحيحه فيما روى عن "كثير بن عبد الله"، كما أن ذلك موجود في بعض النسخ -أي الميزان- وقد قال ابن كثير الحافظ في إرشاده: وقد نوقش الترمذي في تصحيح هذا الحديث"3.
وللقاضي أبي بكر بن العربي في أول شرحه على الترمذي الذي سماه "عارضة الأحوذي"4 فصل نفيس في مدح كتاب الترمذي ووصفه بحلاوة مقطع، ونفاسة منزع، وعذوبة مشرع، وفيه أربعة عشر علمًا، وذلك أقرب إلى