...
الباب الأول: مناهج المحدثين في القرن الأول الهجري
- وفيه أحد عشر فصلًا:
الفصل الأول: مظاهر اهتمام الصحابة بالسُّنَّة
هناك عدة مظاهر تدل على اهتمام الصحابة -رضي الله عنهم- بالسُّنَّة، ومن أهمها ما يلي:
الأول: الحرص على حضور مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لسماعه والرواية عنه والاقتداء به والالتزام بأوامره وتوجيهاته.
ومما يدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عمر -رضي الله عنه- قال: كنت أنا وجار لي من الأنصار من بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك1.
الثاني: حرص بعضهم على سماع الحديث من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة ليحدث به غيره؛ فقد جاء في صحيح مسلم قول عمرو بن عَنْبَسَة -رضي الله عنه- بعد أن حدَّث بحديث: لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة إلى أن أكذب على الله ولا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لو لم أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا -حتى عَدَّ سبع مرات- ما حدثت به أبدًا؛ ولكني سمعته أكثر من ذلك2.
الثالث: كما حرصوا على أن تنقل أقواله -صلى الله عليه وسلم- كما صدرت منه نقية غير