وقد امتازت عن غيرها من الصحابة أنها سمعت تلك الأحاديث مشافهة من النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنها انفردت برواية أحاديث لم يروها عنه غيرها لمكانتها عنده.
ولذلك يرجع الفضل إليها في نقل السنة النبوية ونشرها بين الناس، ولو لم تنقلها لضاع قسم كبير منها، خاصة في الأمور التي تتعلق بتصرفات النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته ومع أهله.
وكان حفظها لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإتقانه مرجعًا للصحابة فيما اختلفوا فيه من الأحاديث، فيجدون عندها الجواب الشافي الذي يحسم الخلاف ويرد الشك1، وقد كان أبو هريرة من عادته الجلوس إلى حجرة عائشة يُسمعها ما يحدث به الناس، ثم يقول: "يا صاحبة الحجرة، أتنكرين مما أقول شيئًا؟ "2.
وقد بلغت درجة عالية في التمكن من العلم حتى صارت مرجعًا لكبار الصحابة، و"صار معاوية في خلافته يكتب إليها سائلًا عن حكم، أو حديث، أو شيء من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يطمئن إلى يقين مما يسمع من غيرها حتى يرد عليه جوابها فيبرد صدره"3.
- فقهها رضي الله عنها:
إن عائشة -رضي الله عنها- كانت فقيهة جدًّا حتى قيل: إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها4، وجزم الإمام الزهري بأنها أفقه نساء الأمة على الإطلاق5، وذكر ابن حزم أن فتواها يمكن أن تجمع في سِفْرٍ ضخم6.