لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ مَصَالِحِ الْإِمَامَةِ، وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ لَمَّا فَاتَهُمْ مَصْلَحَةُ الْإِمَامَةِ يَدْخُلُونَ فِي طَاعَةِ كَافِرٍ، أَوْ ظَالِمٍ لِيَنَالُوا بِهِ بَعْضَ مَقَاصِدِهِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى طَاعَةِ إِمَامٍ مَعْصُومٍ أَصْبَحُوا يَرْجِعُونَ إِلَى طَاعَةٍ ظَلُومٍ كَفُورٍ، فَهَلْ يَكُونُ أَبْعَدَ عَنْ مَقْصُودِ الْإِمَامَةِ، وَعَنِ الْخَيْرِ وَالْكَرَامَةِ مِمَّنْ سَلَكَ مِنْهَاجَ النَّدَامَةِ؟ .
وَفِي الْجُمْلَةِ، فَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ عَلَّقَ بِوُلَاةِ الْأُمُورِ مَصَالِحَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، سَوَاءٌ كَانَتِ الْإِمَامَةُ أَهَمَّ الْأُمُورِ، أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَالرَّافِضَةُ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنْ حُصُولِ هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ لَهُمْ، فَقَدْ فَاتَهُمْ عَلَى قَوْلِهِمُ الْخَيْرُ الْمَطْلُوبُ مِنْ أَهَمِّ مَطَالِبِ الدِّينِ، وَأَشْرَفِ مَسَائِلِ الْمُسْلِمِينَ.
وَلَقَدْ طَلَبَ [مِنِّي] (?) أَكَابِرُ شُيُوخِهِمُ الْفُضَلَاءُ أَنْ يَخْلُوَ بِي، وَأَتَكَلَّمَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ، فَخَلَوْتُ بِهِ، وَقَرَّرْتُ لَهُ مَا يَقُولُونَهُ فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِهِمْ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْعِبَادَ، وَنَهَاهُمْ (2 لِيَنَالُوا بِهِ بَعْضَ مَقَاصِدِهِمْ 2) (?) ، فَيَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمُ اللُّطْفَ الَّذِي يَكُونُونَ عِنْدَهُ أَقْرَبَ إِلَى فِعْلِ الْوَاجِبِ، وَتَرْكِ الْقَبِيحِ؛ لِأَنَّ مَنْ دَعَا شَخْصًا لِيَأْكُلَ طَعَامَهُ، فَإِذَا كَانَ مُرَادُهُ الْأَكْلَ فَعَلَ مَا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ كَتَلَقِّيهِ بِالْبِشْرِ، وَإِجْلَاسِهِ فِي مَجْلِسٍ يُنَاسِبُهُ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُهُ (?) أَنْ يَأْكُلَ عَبَسَ فِي. وَجْهِهِ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَهَذَا أَخَذُوهُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ لَيْسَ هُوَ مِنْ أُصُولِ شُيُوخِهِمُ الْقُدَمَاءِ.
ثُمَّ قَالُوا: وَالْإِمَامُ لُطْفٌ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا كَانَ لَهُمْ إِمَامٌ يَأْمُرُهُمْ بِالْوَاجِبِ،