سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْتِهِ، وَلَا قَتْلِهِ يَنْتَقِضُ حُكْمُ رِسَالَتِهِ، كَمَا يَنْتَقِضُ حُكْمُ الْإِمَامَةِ بِمَوْتِ الْأَئِمَّةِ وَقَتْلِهِمْ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ خَالِدًا لَا يَمُوتُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ رَبًّا، وَإِنَّمَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ، وَقَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ، فَطَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ بَعْدَ مَمَاتِهِ. وَجُوبُهَا فِي حَيَاتِهِ وَأَوْكَدُ؛ لِأَنَّ الدِّينَ كَمُلَ، وَاسْتَقَرَّ بِمَوْتِهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهِ نَسْخٌ، وَلِهَذَا جُمِعَ الْقُرْآنُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِكَمَالِهِ، وَاسْتِقْرَارِهِ بِمَوْتِهِ.

فَإِذَا قَالَ. الْقَائِلُ: إِنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي حَيَّاتِهِ، وَبَعْدَهُ صَارَ الْإِمَامُ غَيْرَهُ إِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ صَارَ بَعْدَهُ مَنْ هُوَ نَظِيرُهُ يُطَاعُ، كَمَا يُطَاعُ الرَّسُولُ، فَهَذَا بَاطِلٌ.

وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ قَامَ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي تَنْفِيذِ أَمْرِهِ، وَنَهْيِهِ، فَهَذَا كَانَ حَاصِلًا فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا غَابَ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَخْلُفُهُ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُبَاشِرُ مُعَيَّنًا بِالْأَمْرِ بِخِلَافِ حَيَاتِهِ.

قِيلَ: مُبَاشَرَتُهُ بِالْأَمْرِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي. وُجُوبِ طَاعَتِهِ، بَلْ تَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ أَمْرُهُ، [وَنَهْيُهُ] (?) ، كَمَا تَجِبُ طَاعَتُهُ عَلَى مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُ: ( «لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» .) (?) .

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ فِي حَيَاتِهِ كَانَ يَقْضِي فِي قَضَايَا مُعَيَّنَةٍ مِثْلِ إِعْطَاءِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ (?) ، وَتَنْفِيذِ جَيْشٍ بِعَيْنِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015