وَهُمْ مُتَنَازِعُونَ فِي الْجِسْمِ: هَلْ هُوَ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ (?) الَّتِي لَا تَقْبَلُ الِانْقِسَامَ، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ ; أَوْ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ ; أَوْ لَا مُؤَلَّفٌ لَا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، كَمَا يَقُولُهُ كَثِيرٌ مِنَ الطَّوَائِفِ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَصَحُّهَا الثَّالِثُ.

وَكُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ مُتَنَازِعُونَ هَلْ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ، لَكِنَّ مُثْبِتَةَ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ يَقُولُونَ: يَنْتَهِي إِلَى حَدٍّ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ مَعَ وُجُودِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ إِذَا تَصَغَّرَتِ الْأَجْزَاءُ اسْتَحَالَتْ، كَمَا فِي أَجْزَاءِ الْمَاءِ إِذَا تَصَغَّرَتْ (?) فَإِنَّهَا تَسْتَحِيلُ فَتَصِيرُ (?) هَوَاءً، فَمَا دَامَتْ مَوْجُودَةً فَإِنَّهُ (?) يَتَمَيَّزُ مِنْهَا جَانِبٌ عَنْ جَانِبٍ، فَلَا يُوجَدُ شَيْءٌ لَا يَتَمَيَّزُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ، كَمَا يَقُولُهُ مُثْبِتَةُ الْجَوْهَرِ الْفَرْدِ، وَلَا يُمْكِنُ انْقِسَامُهُ إِلَى مَا لَا يَتَنَاهَى، بَلْ إِذَا صَغُرَ (?) لَمْ يَقْبَلِ الْقِسْمَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي الْخَارِجِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ غَيْرَ الْبَعْضِ الْآخَرِ (?) ، بَلْ إِذَا تَصَرَّفَ (?) فِيهِ بِقِسْمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا اسْتَحَالَ، فَالْأَجْزَاءُ الصَّغِيرَةُ - وَلَوْ عَظُمَ صِغَرُهَا - يَتَمَيَّزُ مِنْهَا شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ فِي نَفْسِهِ وَفِي الْحِسِّ وَالْعَقْلِ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ فَصْلُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ بِالتَّفْرِيقِ، بَلْ يَفْسُدُ وَيَسْتَحِيلُ لِضِعْفِ قَوَامِهِ عَنِ احْتِمَالِ ذَلِكَ، وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015