فِي ذَلِكَ تَأْلِيفًا عَقْلِيًّا لَا يُوجِدُ فِي الْأَعْيَانِ، وَيَدَّعُونَ أَنَّ النَّوْعَ مُؤَلَّفٌ مِنَ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ، فَإِذَا قُلْتَ: الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ، قَالُوا: الْإِنْسَانُ مُؤَلَّفٌ مِنْ هَذَيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِمَا.

ثُمَّ تَنَازَعَ (?) هَؤُلَاءِ فِي الْجِسْمِ: هَلْ هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَجْزَاءٍ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، وَهِيَ الْجَوْهَرُ الْفَرْدُ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ شَيْءٌ لَمْ يُدْرِكْهُ أَحَدٌ بِحِسِّهِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ نَفْرِضُهُ إِلَّا وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِهِ ; أَوْ مُرَكَّبٌ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ تَرْكِيبًا عَقْلِيًّا؟

وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَادَّةِ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا نَفْسُ الْجِسْمِ وَأَعْرَاضِهِ: تَارَةً يُعْنَى بِالْمَادَّةِ الْجِسْمُ الَّذِي هُوَ جَوْهَرٌ، وَالصُّورَةُ شَكْلُهُ وَاتِّصَالُهُ الْقَائِمُ بِهِ. وَتَارَةً يُعْنَى بِالصُّورَةِ نَفْسُ الْجِسْمِ (?) الَّذِي هُوَ الْجَوْهَرُ، وَبِالْمَادَّةِ الْقَدْرُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يَعُمُّ الْأَجْسَامَ كُلَّهَا، أَوْ يُعْنَى بِهَا مَا مِنْهُ خُلِقَ الْجِسْمُ (?) .

وَقَدْ يُعْنَى بِالصُّورَةِ الْعَرَضِيَّةُ (?) الَّتِي هِيَ الِاتِّصَالُ وَالشَّكْلُ الْقَائِمُ بِهِ، فَالْجِسْمُ هُوَ الْمُتَّصِلُ، وَالصُّورَةُ هِيَ (?) الِاتِّصَالُ، فَالصُّورَةُ هُنَا عَرَضٌ، وَالْمَادَّةُ الْجِسْمُ، كَالصُّورَةِ (?) الصِّنَاعِيَّةِ: كَشَكْلِ السَّرِيرِ فَإِنَّهُ صُورَتُهُ (?) وَالْخَشَبُ مَادَّتُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015