يَجْمَعُهُ نَوْعَانِ: [أَحَدُهُمَا] (?) نَفْيُ النَّقْصِ عَنْهُ، وَالثَّانِي: نَفْيُ مُمَاثَلَةِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، فَإِثْبَاتُ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَهُ مَعَ نَفْيِ مُمَاثَلَةِ غَيْرِهِ لَهُ يَجْمَعُ ذَلِكَ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ.

وَأَمَّا الْمُخَالِفُونَ لَهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئَةِ، وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَطَرِيقَتُهُمْ (?) : نَفْيٌ مُفَصَّلٌ وَإِثْبَاتٌ مُجْمَلٌ، يَنْفُونَ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَيُثْبِتُونَ مَا لَا يُوجَدُ إِلَّا فِي الْخَيَالِ، فَيَقُولُونَ: [لَيْسَ بِكَذَا وَلَا كَذَا. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ] (?) : لَيْسَ لَهُ صِفَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ، بَلْ إِمَّا سَلْبِيَّةٌ، وَإِمَّا إِضَافِيَّةٌ، وَإِمَّا مُرَكَّبَةٌ مِنْهُمَا، كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ، كَابْنِ سِينَا وَأَمْثَالِهِ، وَيَقُولُ: هُوَ وُجُودٌ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ سَلْبِ الْأُمُورِ الثُّبُوتِيَّةِ عَنْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: وُجُودٌ مُطَلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ.

وَقَدْ قَرَّرُوا فِي مَنْطِقِهِمْ مَا هُوَ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ الصَّرِيحِ: أَنَّ الْمُطْلَقَ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ إِنَّمَا وُجُودُهُ فِي الْأَذْهَانِ لَا فِي الْأَعْيَانِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْخَارِجِ حَيَوَانٌ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، وَلَا إِنْسَانٌ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، وَلَا جِسْمٌ مُطْلَقٌ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ، فَيَبْقَى وَاجِبُ الْوُجُودِ مُمْتَنِعُ الْوُجُودِ فِي الْخَارِجِ، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ تَعْطِيلٌ وَجَهْلٌ وَكُفْرٌ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.

وَمَنْ قَالَ: مُطْلَقٌ بِشَرْطِ سَلْبِ الْأُمُورِ الثُّبُوتِيَّةِ، فَهَذَا أَبْعَدُ مِنَ الْمُطْلَقِ بِشَرْطِ (?) الْإِطْلَاقِ، فَإِنَّ هَذَا قَيَّدَهُ (?) بِسَلْبِ الْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ (?) دُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015